الاتحاد الأوروبي يبحث عن شركاء تجاريين جدد في مواجهة رسوم ترامب التي تعيد رسم خريطة التجارة العالمية
25.04.2025, 13:45
(من مراسلي غرفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر)
بروكسل 25 أبريل/نيسان (د ب أ/إي إن آر) – يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة التجارية في ظل الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على واردات بلاده الأوروبية، مما يضيف مزيدا من الغموض على التجارة العالمية.
ويبحث الاتحاد الأوروبي الآن، وعلى نحو عاجل، عن أسواق جديدة وحلفاء جدد يشاركونه إيمانه بالتجارة العادلة والقواعد التجارية الواضحة.
وازدحم جدول أعمال العلاقات التجارية للاتحاد الأوروبي منذ تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي. وكان التكتل وافق على تعزيز العلاقات التجارية مع المكسيك قبل أيام من أداء ترامب اليمين الدستورية يوم20 يناير/كانون الثاني، كما أعاد فتح ملف المفاوضات التجارية مع ماليزيا يوم التنصيب.
وفي فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين، التقى كبار مسؤولي الاتحاد مع زعماء الهند وجنوب أفريقيا لإجراء محادثات بشأن قضايا، من بينها التجارة، فيما يسعى الاتحاد الأوروبي بنشاط إلى توثيق العلاقات مع كندا.
وفي وقت سابق الشهر الجاري، أطلق الاتحاد الأوروبي محادثات بشأن اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي: "في عالم لا يحظى بالاستقرار، صارت الشراكات مع حلفاء موثوقين في أنحاء العالم، عبر قواعد محددة بشكل واضح لتحقيق مكاسب متبادلة، أكثر قيمة من أي وقت مضى".
واكتسب هذا الشعور زخما في أنحاء القارة منذ أعلن ترامب فرض رسوم جمركية على سلع الاتحاد الأوروبي الواردة للسوق الأمريكية في وقت سابق هذا الشهر.
وأعلن الرئيس الأمريكي في البداية فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على الواردات من التكتل، ثم علقها لمدة 90 يوما. ولكن، لا تزال معظم الواردات من الاتحاد الأوروبي تواجه رسوما جمركية نسبتها .10%
وأشار وزير الاقتصاد الإسباني، كارلوس كويربو، خلال الاجتماع الأخير لمسؤولي التجارة الأوروبيين في لوكسمبورج إلى أنه يجب أن تشكل حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة "حافزا" لتنويع علاقات التكتل الأوروبي مع شركاء آخرين.
كما شدد رئيس وزراء جمهورية التشيك فيالا على ضرورة البحث عن أسواق بديلة، مشيرا إلى سرعة إبرام اتفاقية التجارة الحرة مع تجمع ميركوسور التجاري، في أمريكا الجنوبية، والذي يضم بين أعضائه البرازيل وبوليفيا والأرجنتين وباراجواي وأوروجواي. كما أشار أيضا إلى إبرام اتفاقيات مع الهند، أو دول جنوب شرق آسيا.
وقال وزير التجارة السويدي بنجامين دوسا، لوكالة أنباء "تي تي" السويدية في مارس/آذار الماضي: "نريد من الاتحاد الأوروبي هدم الجدران التي يقيمها الآخرون."
- هل تقرب الرسوم الجمركية الأمريكية بين الاتحاد الأوروبي والصين؟
وأعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن اعتقاده بوجود فرص، خاصة في آسيا، حيث دعا إلى "تعزيز وموازنة العلاقات الاقتصادية والتجارية" بين الصين وإسبانيا، وذلك خلال زيارته للصين يوم 11 أبريل/نيسان الجاري.
وأضاف سانشيز: "نريد أن نسهم في علاقة إيجابية بين أمريكا والاتحاد الأوروبي، ولكن من الضروري وجود علاقة قوية بين الصين والاتحاد الأوروبي وبين الصين وإسبانيا"، مشيرا إلى أنه يتعين إعادة التوازن للتجارة.
وبلغت نسبة العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين في عام 2024، حوالي 5ر304 مليار يورو (346 مليار دولار).
وقال الرئيس الصيني شي جين بينج خلال زيارة سانشيز لبلاده: "لا يوجد رابح في الحرب التجارية، والوقوف ضد العالم لا يؤدي إلا إلى العزلة الذاتية".
وفي العاصمة البلجيكية بروكسل، قالت مصادر الاتحاد الأوروبي لوكالة "أنسا" الإيطالية إنهم يلاحظون تغيرا طفيفا في موقف بكين، حيث جرى إعادة فتح قنوات لتحسين العلاقات التجارية مع العملاق الآسيوي، والإعلان عن عقد قمة رفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي والصين في يوليو/تموز المقبل.
ورغم ذلك، فإن غياب تكافؤ الفرص بين الشركات لدى كل جانب وإمكانية إغراق المنتجات الصينية السوق الأوروبية - حيث يسعى منتجو ومصدرو الصين إلى تجنب العقبات الجديدة لدخول السوق الأمريكية - يغذي تردد بروكسل في أن تعتقد أن بكين يمكن أن تصبح شريكا مخلصا في المستقبل القريب.
إن دول الاتحاد الأوروبي تتطلع إلى تعزيز التجارة مع الهند
وترى بلجيكا أيضا فرصا في المناخ التجاري الحالي. وكما هو الحال بالنسبة للمفوضية الأوروبية والعديد من الدول الأعضاء الأخرى، تعتبر بلجيكا الهند شريكا جذابا.
وفي بداية شهر مارس/آذار الماضي، قادت الأميرة أستريد أميرة بلجيكا بعثة تجارية ضخمة إلى نيودلهي ومومباي، حيث تصدرت المستحضرات الصيدلانية والدفاع والماس والخدمات اللوجستية والفضاء والطاقة الخضراء جدول أعمال الزيارة.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر لدى الإعلان عن الرسوم الجمركية الأمريكية، لأول مرة: "يبدو لي أن هذا هو الوقت المثالي لأوروبا كي تبرم اتفاقيات تجارة حرة مع شركاء جدد في أنحاء العالم، يتطلعون إلينا أكثر من أي وقت مضى."
وقام رئيس وزراء سنغافورة بزيارة دولة إلى بلجيكا في وقت لاحق من الشهر، في إشارة أخرى إلى استراتيجية بلجيكا الأوسع نطاقا لتعميق العلاقات مع آسيا.
وتصدر عن المستشار الألماني القادم فريدريش ميرتس تصريحات مماثلة.
وقال ميرتس في وقت سابق هذا الشهر: "التوازن العالمي في تغير، ونحن- الأوروبيين- بحاجة إلى (شركاء تجاريين جدد) بصورة سريعة للغاية."
- صفقة ممكنة مع أمريكا الجنوبية
ثمة أمل لدى الاتحاد الأوروبي في أن تتقدم عملية التصديق على اتفاقية التجارة الحرة مع دول أمريكا الجنوبية (تجمع ميركوسور) بشكل سريع، وأن تكتمل العملية هذا العام.
وكان تم التوصل إلى اتفاقية في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ولكن لكي تتم الموافقة عليها، يتعين أن تحظى بدعم البرلمان الأوروبي، وعلى الأقل، 15 من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بواقع 65% من سكان التكتل.
وليس هناك ما يشير يقينا إلى حدوث ذلك. وقد واجهت الاتفاقية انتقادات شديدة من جماعات حماية البيئة بسبب مخاوف من أنها سوف تقلل من حماية البيئة، وتزيد من إزالة الغابات.
كما عارضها مزارعو الاتحاد الأوروبي، وقالوا إنها قد تضعهم في موقف غير موات حيث تخضع المنتجات في دول ميركوسور للوائح أقل صرامة، وبالتالي الإنتاج بأسعار أرخص.
وأعربت عدة دول في الاتحاد الأوروبي عن عدم رضاها عن الاتفاقية، وبينها فرنسا وبولندا والنمسا، ولكن الحاجة الماسة إلى ضمان ايجاد شركاء تجاريين جدد قد تخفف من هذا الموقف، مما يسهل عملية التصديق على الاتفاق.
وتهدف المفوضية الأوروبية إلى استكمال المراجعة القانونية لنص الاتفاقية قبل نهاية هذا الصيف، ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق للتصديق على الاتفاقية، وهو ما سوف يجبر دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي - حيث توجد أصوات كبيرة معارضة له - على التحدث علنا عما إذا كانت لديهم مخاوف.
- الدول الأوروبية الصغيرة تريد المزيد من التجارة الحرة
ثمة مخاوف في بعض الدول الأوروبية الأصغر حجما من التداعيات التي قد يخلفها فرض الرسوم الجمركية، الأمريكية، على اقتصادات الدول الأوروبية الأكبر، مثل ألمانيا، التي تعتمد عليها هذه الدول بقوة فيما يتعلق بإيرادات التجارة.
أما سلوفينيا، التي تعد اقتصادا صغيرا وموجها نحو التصدير، فقد ارتبطت على نحو تقليدي، وبشكل رئيسي، بالأسواق الأوروبية، في حين تعد أمريكا الشريك التجاري الثاني عشر لسلوفينيا.
ولذلك، تبحث الشركات السلوفينية عن فرص تجارية في أسواق ثالثة، وخاصة في الشرق الأوسط وآسيا.
وبحسب مكتب الإحصاء في سلوفينيا، قفزت قيمة صادرات البلاد إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي في عام 2024، بواقع 25%، على أساس سنوي، مقابل 47% زيادة في الواردات من هذه الدول.
وتتعامل دول أخرى، مثل كرواتيا وبلغاريا، مع أمريكا بقدر ضئيل نسبيا في أعمال التجارة.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية الكرواتية زدينكو لوسيتش: "واجهنا أزمات أكبر في السابق، مثل جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، وقد تعافى اقتصادنا منها بسرعة نسبية."
من ناحية أخرى، تعتقد حكومة مقدونيا الشمالية أن هذه اللحظة ربما تشكل فرصة أمام البلاد لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بدلا من التركيز في البحث عن بدائل.
وقالت وزيرة المالية في مقدونيا الشمالية، جوردانا ديميتريسكا كوتشوسكا، لوكالة أنباء "ميا": "قد نستغلها كفرصة للاقتصاد المقدوني، حيث أقامت الحكومة اتصالات جيدة مع واشنطن."